التعليم حين جاء وقت الاستقلال للوطن، وإن كان فيهم من اختار العمل في الإدارات الحكومية، فرارا من متاعب التعليم وأوزاره الثقيلة، وطلبا للراحة البدنية، وهذا عمل في غير محله إذ لو مال معلموهم القدامى إلى هذا من قبل أي إلى عبودية الإدارة لما كانوا هم في مستواهم الحالي وعلى كل حال فقد حصل ما حصل بواسطة التعليم وأتعابه ومشاقه.
ولا زلت اذكر تلك السنوات التي قضيناها في التعليم وأشعر فيها براحة ضميري إذا ذكرتها أو تذكرتها فقد كنا نقضي معظم يومنا ونصيبا من ليلنا في التعليم بين تلامذة المدرسة ودروس المعهد ودروس المسجد للرجال وللنساء، وقد تصل ساعات العمل إلى اثنتي عشر ساعة بين اليوم والليلة وتارة تزيد على ما ذكر - وهو عمل مرهق ومضني - واخواني الشيوخ الأحياء يعرفون هذا.
وبهذا تكون ((جمعية العلماء)) قد أدت ما عليها من واجبات ثقيلة لا يعرفها إلا من عاش معها ومارسها ولا يستسهل عملها أو يستصغره أو يستهين به إلا جاهل به أو مأفون الرأي عديم الذوق والمعرفة للأمور على حقيقتها ولا زلت أذكر ذلك اليوم الذي ودعنا فيه رئيسها المرحوم - إن شاء الله - الشيخ البشير الإبراهيمي في شهر مارس (1952) حيث امتطى الطائرة في طريقه إلى المشرق العربي كي يسعى لدى