ولمنزلة حديث عمر المتقدم (إنما الأعمال بالنيات الخ) ولمكانته عند من عرفوا منزلته في التشريع الإسلامي قال الإمام عبد الرحمن بن مهدي - المتقدم الذكر - لو صنفت كتابا فيه أبواب لجعلت حديث عمر هذا في كل باب من أبوابه.
أما الإمام مسلم - رحمه الله - فقد أورده في كتاب الجهاد من صحيحه، وكأنه أراد بعمله هذا أن يشير إلى أن البعض ممن يدعون الجهاد - ولم تكن لهم نية فيه - لا نصيب لهم في ثمراته ولهذا نبههم إلى أن النية في العمل هي روحه ومخه، وبدونها فهو جسد ميت بلا روح.
وكلمة - إنما - تفيد الحصر كما قال جمهور علماء العربية والأصول وغيرهم حيث قالوا أن لفظة إنما موضوعة للحصر فتثبت المذكور هنا - وهو قبول الأعمال والجزاء عليها إذا عملت مصحوبة بالنية، وتنفي ما سواها، فكأنه قال إن الأعمال تحسب وتقبل ويجازى عليها فاعلها إذا كانت بنية ولا تحسب ولا تقبل ولا جزاء عليها إذا تجردت منها، مثل سائر العبادات والطاعات جميعها كما مر، وتفصيل هذا في كتب الفقه والحديث.
وبناء على ما جاء في هذا الحديث فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لأمته أنواعا ثلاثة ممن هاجروا من مكة إلى المدينة تاركين مكة أرض الشرك - في ذلك الوقت - إلى المدينة أرض الإسلام وهم:
أ - مهاجر هاجر بنية وقصد تقوية حزب الله ونصره