الحياة الآخرة، فيقول لهم ربهم ما يقول للكافرين الذين قضوا كل حياتهم الدنيا في الملاذ والشهوات، فإذا جاؤوا يوم القيامة للحياة التي وعدوا بها، وهي الحياة الدائمة، جاؤوا إليها بلا زاد لحياتهم هذه، إذ لم تتركهم شهواتهم يقدمون إليها شيئا من الطاعات لربهم يجدون ثوابه ينتظرهم لتلك الحياة الطويلة، والتي لا نهاية لها، فيقول لهم ربهم: لاحظ لكم هنا ولا نصيب من التمتع في هذه الحياة، فقد أذهبتم طيبات حياتكم هذه في حياتكم الأولى واستمتعتم يها هناك إذ غلبتكم شهوات نفوسكم، فلم تدخروا من الأعمال الصالحة لهذه الحياة ما يسعدكم فيها وينجيكم من عذاب الله إذ اتباع الشهوات يقود صاحبه إلى النار، كما أن فعل ما تكرهه النفوس - ترضية لله - يقود صاحبه إلى الجنة دار الراحة والكرامة والتكريم، وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بما لا مزيد عليه لمن هداه الله ووفقه لما يرضى عنه ربه مثل حديث البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره) ومثل حديث الأئمة أحمد ومسلم والترمذي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - عن الله - ((حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار باشهوات)).
فالجنة محجوبة عن الأنظار بفعل ما هو ثقيل على النفس فتكرهه، فمن ألزم نفسه بما تكرهه كأن يقوم بالفرائض التي أوجبها الله عليه كالصيام والصلاة والزكاة الخ