عذاب عظيم)) فانشراح الصدر في الآية كناية عن القبول الاختياري والرضى بالأمر الذي مالت إليه النفس ورضيت به واختارته عقيدة وعملا، فمن وسع صدره وقلبه وعقله لقبول الكفر بالله والردة بعد الإيمان، من غير أن تنازعه نفسه في هذا الرضى والقبول، فهذا كان مختارا من غير اضطرار، فانشرح صدره ورضي قلبه بقبول الكفر والجحود، غير مكره عليه ولا كاره له، فهذا ملعون ومغضوب عليه من الله، الإله الواحد لجميع المخلوقات فهذا ظلم وقع من ظالم لذا وجبت معاقبته، وهذا العذاب العظيم جزاء كفره وجحوده، وهو عذاب جهنم الذي أعده الله لمن كفر به وجحده.
فالذي نطق بكلمة الكفر مكرها عليها بالتهديد بالقتل كعمار بن ياسر رضي الله عنه، كان الإكراه في حقه عذرا مقبولا، فإن نطقه بها يطبق عليه قوله تعالى: ((إلا أن تتقوا منهم تقاة)) سورة آل عمران، ذلك أن العلماء قالوا: أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل فإنه لا إثم عليه إن كفر بلسانه، وقلبه مطمئن بالإيمان راض به، ولا تبين منه زوجته - أي تطلق عليه - ولا يحكم عليه بالردة والكفر بعد الإيمان، ذلك أنه يدخل في باب ((التقية)) المرخص فيها شرعا، لتكون ملجأ للنجاة من ظلم الظالمين.