عمار بن ياسر رضي الله عنه، فتد أجابهم إلى بعض ما أرادوه منه، ونطق ببعض كلمات الشرك كما يأتي في ترجمته إن شاء الله، إلا بلالا رضي الله عنه، فإنه لم يعطهم أي شيء مما طلبوه منه، فقد هانت عليه نفسه وذاته في الله وفي دين الله، ولم يقبل أن يرضي المشركين بشيء ما طلبوه منه، بل كان يفوه بكل كلمة تغضبهم كما مر سابقا، حتى ملوه وملوا الحديث معه، من أجل ما يسمعهم من إظهار وحدانية الله في كلمة صريحة مدوية - لا غموض فيها ولا تورية - تصم آذانهم وتؤذي مشاعرهم نحو آلهتهم المعظمة في قلوبهم، ولما أعياهم أمره جعلوا في عنقه حبلا من ليف وسلموه إلى صبيانهم، ثم أمروهم أن يشتدوا عليه في التعذيب، ويسرعوا به بين أحشبي - جبلي - مكة، فهو في أيديهم، وهم يفعلون به ما أمروا أن يفعلوه به، وهو يقول أحد أحد، أي لا شريك مع الله في ألوهيته، وهذا هو الثبات على العقيدة وأيم الله، حتى في الأموال والشدائد.
قال الشعبي: سألت ابن عباس رضي الله عنهما من أول الناس إسلاما؟ فقال: أبو بكر، أوما سمعت قول حسان:
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة… فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها وأعدلها… بعد النبي وأوفاها بما حملا