نشرت سنة 1946
ولد لي في هذا الأسبوع مولود جديد (?)، فأهدي إلى أمّه أكثر من عشرين علبة (شكلاطة)، من هذه العلب التي جدّت في دمشق، وصارت (موضة) الوقت، كل علبة منها لعبة كبيرة بأشكال وألوان، ما عرفناها قبل الآن، منها ما هو على صورة طيارة بأجنحتها وذنبها ومحركاتها ودواليبها، ومنها ما هو على شكل عربة بخيولها ولجمها وسائقها، كل ذلك مصوّر مشكّل دقيق الصنعة؛ ومنها ما هو على هيئة سرير فيه فراش ووسادة من الحرير، وفي كل منها قبضة من السكر والشكلاطة وهي ملفوفة بالورق الصقيل الشفاف، معقود عليها شريط من خالص القزّ، لا نقلّ ثمن إحداها عن عشرين ليرة سورية. فلما ذهبنا نفتحها تقطع الشريط وتمزّق الورق. ثم تسلمها منا أولاد الدار، وأبناء الضيوف، لأنها لعب خلقت لهم لا للكبار، فلم تكن إلا أيام حتى تكسرت في أيديهم، وكيف لا تتكسر وهي مصنوعة من قطع الخشب الملون، لا تحتمل صدمة ولا نقرة، وعادت حطباً انتهى به الطريق إلى المدفأة، فاحترقت أربعمائة ليرة كان يمكن أن يشترى بها من (خبز البلدية) عشرون ألف رغيف (?)، ومن الثياب النسائية المستعملة (التي توزعها وزارة التموين) أربعمائة ثوب، ويمكن أن يتزوج بها من الفقراء أربعة رجال. هذا وأنا رجل معتزل الناس لا أديم مواصلتهم، ولا أؤدي حقوقهم، خارج على مواضعاتهم، ثائر على عاداتهم،