(في غرة رجب سنة 1348) نشرت أول كتاب لي وهو «رسائل في سبيل الإصلاح»، وقد قلت في مقدمته إننا «إن لم نجد في عصرنا من المصلحين، كالذين كانوا في الصدر الأول، فلا أقل من أن نتشبَّه بهم، ونسلك سبيلهم، فنصيح بالناس بقدر ما في حناجرنا من قوة، ندعوهم إلى الإصلاح، وندلّهم على طريقه، وإذا جاءت أصواتنا خافتة فضاعت في جَلَبة المجتمع فلم تُسمع، فإن حسبنا أن فعلنا ما استطعنا.
وهذه الفصول صيحتي، وإنها لضعيفة، بل هي أشبه بالهمس، ولكنها غاية جهدي، ولم أرد أن أدلّ بها على علم عندي فإن كل ما قلته يعرفه القراء، ولكن أردت أن أذكّر بها من نسي، وأُنبِّه من غفل».
واليوم (في غرة رجب 1378)، أنشر كتابي هذا «في سبيل الإصلاح»، فلا أجد ما أقدم له به، إلا هذا الكلام الذي قلته قبل ثلاثين سنة كوامل.
هذه هي كلمتي أقدمها (بين يدي الكتاب)، وهذا هو الكتاب أضعه (بين أيدي القراء).
علي الطّنطاوي