الطرب فيغنون بمثل الصوت الذي ذكره ربنا في الكتاب، ولا يقدّرون أو يتصورون أنهم يسيئون إلى أحد.

ولا يمضي على الواحد منا يوم لا يرى فيه ما يسوء ويزعج من بصاق في الترام أو المقهى، أو حديث في المكتبة العامة، أو خصومة في المسجد، أو غير ذلك من المزعجات المنغصات التي لا يزيلها إلا عناية المدرسة بتعليم الطلاب احترام الراحة العامة، وحث الصحف الشعب على ذلك.

...

ومن الأخلاق التي يجب أن نسرع إلى تعلمها احترام الواجب والاستقامة والإصغاء إلى صوت الضمير. إن المعلم لا يتورع إذا أمره رئيس أو رجاه صديق أو نالته منفعة، أن ينجح التلميذ الذي يستحق السقوط في الامتحان وأن يزيد في الدرجات وأن يفعل كل شيء؛ والقاضي لا يمتنع محن تبرئة الظالم وعقاب المظلوم؛ والوزير لا يتقاعس عن إيثار الشفاعات والوساطات على الكفايات والشهادات؛ والطبيب لا يبالي بأن يجهض أو يأتي كل أمر يستطيعه ما دام في ذلك لذة له أو فائدة؛ والموظفون يقبلون الرشوة والناس يعطونها ولا تكاد تجد من عرف الواجب عليه وأكبره إكباراً، وضحى في سبيل القيام به بكل شيء ولا أعني أن كل المعلمين أو القضاة أو الوزراء أو الأطباء متنكبون سبيل الشرف مضيعون للواجب، ولكن الذي أعنيه أن فيهم من هذا شأنه، وأن احترام الواجب لم يذع فينا ولم يصبح شعاراً دائماً لنا، وأن المدرسة والصحافة والقانون وواضعه، كل أولئك مقصّرون لا يولون هذا الأمر ما يستحق من العناية والاهتمام في حين أنه من الأسس الثابتة والدعائم الكبرى في بناء الأمم.

ونحن في حاجة إلى تعلم الصدق، لأن الكذب قد فشا فينا وعم وأصبح أسهل شيء علينا، فنحن نكذب في الأمور الهينة ونكذب في الجليلة، ونعلم أولادنا الكذب. من منا لا يقرع بابه فيقول لابنه: قل له إن أبى ليس هنا! ومن منا يلقى رفيقاً له أو رجلاً يعرفه فيقول له: كيف حالك أو زيك؟ فلا يقول له: بغاية الشوق، وهو لا يشتاقه ولا يفكر فيه، وقد يكون مبغضاً له يرى البعد عنه غنيمة ... فمجاملاتنا وحياتنا الاجتماعية كلها قائمة على الكذب. ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015