وإنما نذم الغلو فيهما، وولوجهما من غير بابهما، وأخذهما على غير الوجه الذي خلقه الله لهما ... نذم منطق الشهوة، وللشهوة منطقها الذي يسلب الدّين دينه والحكيم لبَّه، ويريه أن له الحق في كل النساء، وأنه لم تخلق امرأة إلا للذته (هو) ومتعته، ويصنع له إبليس أدلة هذه الدعوى فيقبلها بعقله الذي انحدر من رأسه، ويتلقاها بأعصابه الهائجة المجنونة، ثم يدله إبليس على سبل تحقيقها، فيسلكها لا يبالي الدين ولا العرف ولا المروءة ولا شيئاً مما تواضع على إجلاله الناس ويتم إبليس عمله، فيدخل في رؤوس نفر من الأدباء، ثم ينطق بلسانهم، ويخط بأقلامهم، هذا الأدب الوقح البذيء، أدب أبي نواس من الأولين، وآباء نواس من العصريين، الأدب الذي يستقر في أدمغة الشباب استقرار صناديق البارود في أصول البيوت، فلا يلبث أن يتفجر عند الشرارة الأولى، تخرج من عين امرأة، فينسف عقل صاحبه ودينه، وأخلاق الأمة وصيانتها، ولا نعدم مع ذلك من الناس من يعجب بهذا الأدب ويكبره ويسمي صاحبه بأسماء الجهابذة الأعلام من أرباب البيان وحملة الأقلام ...

وهل في الأدب المكشوف، إلا كشف سوأة من سوءات الفكر، وعورة من عورات الضمائر، يحرص العقلاء على سترها كما يسترون عورات الجسم؟

أستغفر الله ماذا أقول؟ إن الناس قد كشفوا عورات الجسم على السواحل وفي المصايف، وأبدوا كل سوأة، وافتخروا بها؛ وسموها جمالاً وكمالاً، وصوروها وملأوا بها جرائدهم ومجلاتهم، أفيلام الشباب إن جن جنونه، واشتعلت في أعصابه النيران؟

أخطبوا أيها المدرسون ما وسعكم الجهد، واهْرَؤوا ما انفسح لكم سبيل الهراء؛ وقولوا للشباب كن صيناً عفيفاً. إنها لن تجدي عليه خطبكم، ولا يستقر في نفسه هراؤكم؛ إنه يخرج فيسمع إبليس يخطب بلغة الطبيعة الثائرة في السوق على لسان (حال) المرأة المتبرجة، وفي الساحل على لسان الأجساد العارية المغرية، وفي السينما على لسان المناظر المتهتكة المثيرة، وفي المكتبة على لسان الجرائد المصورة والروايات الخليعة الماجنة، وفي المدرسة على لسان أصحابه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015