أخذ الأزلام مقتسمًا ... فأبى أغواهما زلمه

عند أنصاب لها زفر ... في صعيد جمة أدمه36

وقول النابغة الذبياني:

فلا لعمر الذي مسحت كعبته ... وما هريق على الأنصار من جسد

ما قلت من سيئ مما أتيت به ... إذا فلا رفعت سوطي إلي يدي37

وقال جابر بن حني التغلبي النصراني، وكانت النصرانية لا تبيح سفك الدم:

وقد زعمت بهراء أن رماحنا ... رماح نصارى لا تخوض إلى دم

وقول امرئ القيس:

فأدركنه يأخذن بالساق والنسا ... كما شبرق الولدان ثوب المقدس

فهذا يشير إلى أن رجال الدين الرهبان كان يتبرك بهم، فالمقدس هو الراهب، وكان إذا نزل إلى صومعته يجتمع الصبيان إليه، فيخرقون ثيابه، ويمزقونها تمسحًا به وتبركًا38. وأمثلة ذلك كثيرة من الأبيات المنتثرة في ثنايا القصائد يشير كل منها إلى عقيدة، أو شعيرة دينية. ولكنا لن نجد قصيدة كاملة خالصة في الشعور الديني، للأسباب المتقدمة: كما حفظت كتب التاريخ والأدب كثيرًا من الأبيات للمشركين والكفار وبخاصة إبان الدعوة الإسلامية وأيام الغزوات39.

ثم ينتقل الدكتور طه حسين إلى ناحية أخرى، فيقول40: "ولكن القرآن لا يمثل الحياة الدينية وحدها، إنما يمثل شيئًا آخر غيرها لا نجده في هذا الشعر الجاهلي: يمثل حياة عقلية قوية، يمثل قدرة على الجدال والخصام أنفق القرآن في جهادها حظًّا عظيمًا، أليس القرآن قد وصف أولئك الذين كانوا يجادلون النبي بقوة الجدال، والقدرة على الخصام، والشدة في المحاورة؟ وفيم كانوا يجادلون ويخاصمون ويحاورون؟ في الدين وفيما يتصل بالدين من هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015