من غير انتقاص منها وكذلك الصانع المخلوق في مصنوعاته التي علمه الله -عز وجل- إيَّاها، لا تستقيم له وتجود إلا بهذه الأربعة.

وهي آلة يستجيدها ويتخيرها مثل خشب النجار ... وألفاظ الشاعر والخطيب وهي العلة الهيولانية، التي قدموا ذكرها وجعلوها الأصل، ثم إصابة للغرض فيما يقصد الصانع صنعته، وهي العلة الفاعلة، ثم أن ينتهي الصانع إلى تمام صنعته، من غير نقص منها ولا زيادة عليها، وهي العلة التمامية فهذا قول جامع لكل الصناعات والمخلوقات، فإن اتفق الآن لكل صانع بعد هذه الدعائم الأربع أن يحدث في صنعته معنًى لطيفًا مستنريًا، كما قلنا في الشعر من حيث لا يخرج عن الغرض فذلك رائد في حسن صنعته وجودتها، وإلا فالصنعة قائمة بنفسها مستغنية عما سواها".

وهكذا يوضح الآمدي، ما يعتمد عليه الشعر وغيره من سائر الصناعات والصور التي يسببها الشعر في التركيب والبناء، وينص أيضًا على الصورة الشعرية نصًّا واضحًا، ولا يكتفي بالنظم والتأليف والصياغة كالسابقين، الذين اكتفوا بمجرَّد الذكر أو بإشارات مهمة وهم يقصدون الصورة، ولكنه قطع شوطًا في توضيح الصورة وذكر معالمها لمرحلة نامية دافعة في أطوار مفهومها.

فاقترن الشعر عنده -كصناعة- بسائر الفنون والصناعات، وتناول الصورة -باستقامة ذوقه ودقة فهمه، وحددها بحدود ينبغي مراعاتها في التصوير، ومن أخلَّ بشيء منها اختلت هي كذلك، وهذه الحدود هي:

1 حسن التأتي وقرب المأخذ في اللفظ والمعنى.

2 انتقاء الألفاظ، واختيار الكلام الجيد الحسن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015