ويرى ابن قتيبة1 أن القصيد يعلو ويهبط، ويسمو ويقبح حسب قيمة اللفظ والمعنى فيه، ولكنه رجح جانب في الشعر على جانب اللفظ حينما قسمه على أربعة أضرب:

أولًا: ضرب حسن لفظه وجاد معناه:

ثانيًا: ضرب حسن لفظه وحلا، فإذا فتشته لم تجد هناك فائدة في المعنى.

ثالثًا: ضرب جاد معناه، وقصرت ألفاظه عنه.

رابعًا: ضرب تأخر معناه، وتأخر لفظه 2.

ويظهر ترجيحه للمعنى حينما يفقد أبيات كثير المشهورة التي يقول فيها:

ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسَّح بالأركان من هو ماسح

وشدَّت على حدب المهاري رحالنا ... ولم ينظر الغادي الذي هو رائح

أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطى الأباطح

فهي عنده خالية من كل معنى مفيد، على أنه يجب بمثل قول أبي ذؤيب:

والنفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع

وذلك لتضمنه معنى أخلاقيًّا3، ومن هنا يظهر "باد$$ رأيه في العلاقة بين اللفظ والمعنى4" وهذا الاتجاه يوضح عدم اعتداده بالصورة الأدبية إلا إذا صور الشاعر بها معنى لطيفًا ومغزى شريفًا، أما التي تحمل معنًى وسطًا أو ساقطًا - وإن اكتملت عناصرها وتلاءمت أجزاؤها، فلا تعدّ صورة عنده، ولا يقيم لها ورنًا كأبيات كثير السابقة، لأن الأساس عنده في الشعر هو شرف المضمون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015