النظم والتصوير الأدبي:
تنبّه بشر بن المعتمر قبل غيره من النقاد إلى قضية النظم، فهو لا يرتفع باللفظ وحده، ولا بالمعنى وحده، ولكن يقصدهما معًا، ممهدًا لنظرية النظم يقول: "إياك والتوعر، فإن التوعر يسلمك إلى التعقيد، والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك، ويشين ألفاظك، فالتعقيد من سمات اللفظ والمعنى معًا، وهو يفسد الصورة الأدبية، ويخلّ بالتعبير، ويفقد روح التاثير فيها ويقول بعد ذلك: "ومن أراد معنى كريمًا فليلتمس له لفظًا كريمًا، فإن حق المعنى الشريف اللفظ الشريف، ومن حقهما أن تصونهما عما يفسدهما ويهجنهما".
فموطن الجمال عند بشر في العمل الأدبي يرجع إلى ارتباط اللفظ بالمعنى فلا بدّ للمعنى الشريف من لفظ شريف ويريد بذلك أن يفصح عن العلاقة بينهما، فليست في اللفظ وحده ولا في المعنى وحده، ولكن في العلاقة بينهما، وهي محل الصورة الأدبية، التي توضح المعنى، وتسمو بالصياغة والتعبير، وليسمها بشر علاقة، أو اهتمام باللفظ والمعنى كما يشاء، لمناسبة التسمية مع ذوق أدباء.