يكب الخلية ذات القلاع ... وقد كاد جؤجؤها ينحطم1

فإذا كان الأصيل، وسرى النسيم العليل رأيت البحر كأنه مبرد، أو درع مسرد2 أو أنه ماوية3 تنظر السماء فيها وجهها بكرة وعشية، وكأنما كسر فيه الحلى، أو مزج بالرحيق القطريلي4 وكأنما هو قلائد العقيان، أو زجاجة المصور يؤلف عليها وصفًا دقيقًا جميلًا.

واستمع له كذلك يصف الليل وهو على ظهر السفينة، وماذا عسى أن يرى الناظر بالليل، والبحر أمامه ساكن أسود وستر الليل يحجب عنه الدنيا، والسفينة ماضية في طريقها، ولا تخشى ضيرًا، ولا تلوي على شيء، ولا تسمع إلا جرجرتها وهدير الأمواج من حول كأنها تتألم من وقع خطاها، ولكن الشاعر يرى ما لا يراه الناس، ويحس ما لا يحسنون، ويسبح خياله في عالم قل أن يدركوه إلا أن يحققه لهم في نثره الشعري، أو شعره القوي، قال البكري:

"حتى إذا أخضل5 الليل. وأرخى الذيل، بدا الهلال كأنه حنجر من ضياء يشق الظلماء، أو قلادة، أو سوار غادة، أو سوار لواه الضراب، والليل فيل وهو ناب، أو عرجون قديم، أو نون من خط ابن العديم6، أو برثن ضيغم، أو مخلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015