الدواح1 بتلك البطاح، فمن شوع2 ودر ماء3، وخلاف4، وطحماء5، وريحان نضر، وعيدانة6 مرجحنة7 من سدر، وقد تلاحقت غصونها، وتعرشت خيطانها وفتونها، وخضب بينها العرفج8، وأزهر الياسمين والبنفسج، فكأن تحت كل عرش إيوانًا، وفوق كل فرش ديوانًا، وفي كل ترب جونة9 عطار، أو مسك بين أفهار10.
ولا ريب أن البكري لم يكن يعرف أسماء الأشجار التي رآها في هذا المتنزة، ولو عرفها بالتركية لعجز عن أن يجد لها نظيرًا بالعربية، فأين ما ينبت في الجزيرة الحارة من شجر ونبات يحتمل الحر الشديد، مما ينبت في بيئة باردة غزيرة الأمطار؟ ولكنه استعار أسماء يعرفها في العربية معرفة قراءة لأشجار أخرى لا تنطبق عليها هذه الأسماء.
وهاك مثل آخر يصف فيه معركة "أسترليتز"11: "كأني أنظر إيه يوم "استرليتز" وقد خرج لقتاله القيصران، في يوم أرونان12 "فصابت بقر"13 و"ما يوم حليمة بسر"14 فاصطف حيالة الروس، كالسطور في الطروس، وثبتوا في الأخاديد كالجلاميد وابذعروا15، في السهول كالوعول، وأقبل النمساوي في كتيبة جأواه16 وململمة17 شلاء، وينزل أولادها، وليس بنازل ويرحل أخراها براحل، فقابلهم الفرنسيس بالدهياء الدردبيس18.... إلخ.