وليس بصحيح أن صوته قد بح من دعوتهم للنهوض، وأنه كان يرجو أن يبرز من يبرز من بينهم فتى ذو همة، إن عدا الدهر على قومه عدا وإن صال صال. فهذا من قبيل التهكم اللاذع؛ لأن مصطفى فهمي كان يريد مصر نائمة، راضية عن الاحتلال؛ إنما الذي فل غربه حقًّا تلك الثورة العنيفة التي أجج نارها مصطفى كامل وصحبه، حتى طوَّحت به وبأضرابه.

ويصور بطرس باشا غالي. بأنه قلب، يلبس لكل زمان لبوسه، ويعرف من أين تهب الريح فينحني أمامها.

أهلا ببطرس أهلا ... بالملتوي المستقيم

قديم كل جديد ... جديد كل قديم

ويقول في أحمد حشمت باشا حين تولى وزارة المالية؛ وكان صبري يرى أنه ليس بكفء لهذه الوزارة وأنه ظلم حين أسندت إليه، وأن لولا الإنجليز ما تولاها.

أبعدوا "أحمدًا" وجاءوا بثان ... ظلموه كما أراد الغشوم

فتسلت خزائن المال مظلوم ... تولى وجاءها "مظلوم"1

وهذا النوع من الشعر يؤيد رأينا في شعر صبري، وهو أنه شعر مناسبات، ينتمي إلى مدرسة الندماء، لا يصدر عن عاطفة، وإنما يقال لخطرة بدت، أو للتسلية في الندوة، يتفكه بها الصحب، ويعجبون للبراعة الفائقة التي مكنت صبري من أن يصور هذه الشخصيات السياسية في مثل ذلك الإيجاز الواضح.

وقد ذكرنا في غير هذا الموضع موقف صبري من الأتراك والخلافة العثمانية، ومن الاحتلال، والحركة القومية ورجالها، ومن الخديو ورجاله2، وإن كانت قصيدته التي قالها حين اشتد الخلاف بين الأقباط وبين المسلمين3 في سنة 1911 تدل على بعد نظر، وحصانة رأي، لأن من مصلحة الأجنبي المستعمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015