أدى إنشاء الجامعية المصرية الحديثة إلى تخصص بعض الطلاب في اللغة الإنجليزية، ليكونوا مدرسين متمكنين فيها وحلوا محل خريجي المعلمين العليا1. الذين كانوا يؤدون هذه المهمة في عهديها الإنجليزي والمصري. وقد درجت مصر قبل الحرب العالمية الأخيرة على إرسال فريق من نوابغ المدرسين للتخصص في اللغة الإنجليزية بإنجلترا، وقد أفادوا في نقل بعض عيون الأدب الإنجليزي إلى اللغة العربية بأقلام قوية، وأسلوب طيب.

وتوسعت مصر في إرسال البعثات في عهد الاستقلال، وكانت أكثرية البعثات الحكومية إلى إنجلترا لدراسة العلوم. والطب والهندسة، واللغات، والفلسفة، والفنون الحربية والاقتصاد، واللغات الشرقية، والتربية، والزراعة وغيرها، بيد أن وزارة المعارف رسمت لأعضاء البعثات الحكومية في أول الأمر - وذلك قبل أن ترسل الجامعة بعثاتها- طريقًا عقيمة، وقيدتهم في الدراسة تقييدًا أضر بهم وبمصر، "وحسبك بوزارة المعارف حين ترسل المناهج، والبرامج، وتختار الجامعات والمدارس، وتعين الدرجات والإجازات، وهي إلى الآن لا تزال تجهل من أمور التعليم العالي في أوربا أكثر جدًّا مما تعلم، وقد كانت قبل الاستقلال خاضعة لسلطان الإنجليز، وكان أبغض شيء إلى الإنجليز أن يتصل المصريون بالتعليم الأوربي العالي، فلما أكرهوا على أن يخلوا بين المصريين وبين ذلك رسموا لهم المناهج والبرامج، مضيقين لا موسعين، ومخادعين لا ناصحين، وما زلنا نذكر العهد الذي كان المصريون يبتهجون فيه أشد الابتهاج حين يظفر أحدهم بأيسر الدرجات الجامعية في أوربا، والذي كانت تسخط فيه المعارف أشد السخط وأقساه على الذين يعجبهم العلم وتخلبهم الدرجات الجامعية، فيتجاوزون، أو يحاولون أن يتجاوزوا ما رسم لهم من خطة، وما توضع لهم من منهاج2، ثم توالت بعثات الجامعات المصرية، بجانب بعثات وزارة المعارف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015