الحماسة والغزل والوصف والتشبيه والمجاز, كل هذا ونحوه مظهر من مظاهر الخيال1, والخيال كما نعلم هو وضع الأشياء في علاقات جديدة، وهو نوعان: تفسيري وابتكاري، ويتمثل التفسيري في تلك الصيغ البيانية العددية، أما الابتكاري فيتثمل في خلق أشياء ومناظر وشخصيات ليس لها وجود، وكلا النوعين يغص به الأدب العربي على طريقته الخاصة، وقد أفضت في بيان ذلك في غير هذا الكتاب2, ومع ذلك فالشعر العربي في كل عصوره مليء بالقصص المحبوكة العقدة الرائعة الخيال3, ولا يمنع أنه من الشعر الوجداني, فقد مرت بأوربا فترة ساد فيها الشعر الوجداني, ولا تزال له السيطرة, وبطل عهد الملاحم والمسرحيات الشعرية.

ثم هناك سؤال آخر علينا أن نسأله قبل أن ندع الكلام في هذا الموضوع، وهو: أحقًّا تبتدئ الحضارة الإنسانية بعلوم اليونان وثفاتهم، لم يسبقهم في ذلك سابق، وأن هذه الديانات والميثولوجيا والقوانين والفلسفة هي كلها من ابتكار اليونان، وحدهم وبذلك احتلوا هذه المكانة السامية في التاريخ، وبهم تميزت الشعوب الأورةبي وفاقت غيرها؟

كثير من الناس الذين لم يبحثوا الموضوع أو بحثوه بحثًا سطحيًّا, يقولون في غير تردد: أجل! هذه المدنية والثقافة والفلسفة التي رويت عن اليونان هي من ابتكارهم، والإنسانية مدينة لهم بالشيء الكثير في هذا المضمار.

ولكن هناك من شك في ذلك, بل هناك من أثبت بأدلة يقينة أن اليونان في دياناتهم، آلهتهم، وأسماء بعض هذه الآلهة، وما تتطبه الديانة من طقوس, ثم في قوانينهم، وفي آدابهم تتلمذوا على المصريين القدماء وأخذوا عنهم وأثبت أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015