2- وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادُ النهاوندي قال: حدثني محمد السقاء -وَهُوَ صَالِحٌ فَاضِلٌ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ- قَالَ: رَكِبْتُ فِي سفينةٍ مِنْ تِنِّيسَ إِلَى مِصْرَ، قَالَ:
فَاشْتَدَّ هَوْلُ الْبَحْرِ عَلَيْنَا فَتَضَرَّعَ النَّاسُ وجأروا إلى الله عز وجل قال: فنبغ رجلٌ مِنْ وَسَطِهِمْ، وَقَالَ: -[28]-
عَجِبْتُ لِقَلْبِكَ كَيْفَ انقلب
قال: فاستجهلناه، وَقُلْنَا: انْظُرْ، فِي أَيِّ وقتٍ يُخَاطَبُ اللَّهُ بمثل هذا؟
قال: ثُمَّ زَادَ الْهَوْلُ، فَأَطْلَعَ رَأْسَهُ مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ قَالَ:
وَشِدَّةُ حُبِّكَ لِي لِمْ ذَهَبَ؟
قَالَ: فَكُنَّا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ أَشَدَّ غَيْظًا من الأولى.
ثم زاد الهول فَأَطْلَعَ رَأْسَهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ:
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَا وذا أَنَّنِي ... أَرَاكَ بِعَيْنِ الرِّضَا فِي الْغَضَبِ
قَالَ: فَمَا تَمَّ الْكَلامُ حَتَّى سَكَنَ الْهَوَاءُ. قَالَ: فَوَضَعْتُ عَيْنِي عَلَيْهِ وَقُلْتُ: هَذَا وَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، أَكُونُ مُرَافِقًا لَهُ وَصَاحِبًا.
قَالَ: فَمَا هُوَ إِلا أَنْ وَصَلْنَا اتَّبَعْتُهُ فَلَمْ أجده، ولم أدر أَيَّ طريقٍ سَلَكَ.