فكر ومباحث (صفحة 53)

وفي السرقات الشعرية، رأي غير الذي يلقِّنهم إيَّاه مدرِّسوهم - وكنا نحبُّ أن نناقش هذا الرأي لولا أننا نريد الإيجاز ما استطعنا.

فهم النصوص وتحليلها:

إن أول ما يجب على الطالب عند درس الأثر الأدبي هو فهمه، وليس في الإمكان دراسة قصيدة أو قصَّة لم يفهمها صاحب الدرس، وليس في الإمكان فهم القصيدة، ولا سيَّما القصيدة من الشعر الجاهلي، إلا بالاطِّلاع الواسع على اللغة وقواعدها وعلومها. واللغة وقواعدها وعلومها مهملة بعض الإهمال في صفوف البكالوريا، وكثير من طلاب هذه الصفوف لم يتمكَّنوا من النحو والصرف والبلاغة؛ بل لا أغالي إذا قلت إن فيهم من لا يعرف كيف يفتِّش عن كلمة في اللسان أو القاموس، ومن لا يقيم لسانه في قراءة صفحة من كتاب، وهؤلاء يسترون ضعفهم بحفظ طائفة من الأشعار والرسائل، أو على الأصلح بحفظ كلماتها بالحركات التي تجري عليها ألسنتهم (?) والمعنى الذي يبتدر إلى أذهانهم، وكتابتها في ورقة الفحص؛ والفحص كتابي يأمنون فيه أن يفاجؤوا بسؤال يكشف عن ضلالهم في الفهم - في حين أن لدراسة الأدب غاية أسمى من جواز الفحص، والسعي وراء شهادة هي كالسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ... ووجد تعبه قد ذهب في غير طائل ... والوصول إلى هذه الغاية لا يكون إلا من سبيل فهم الآثار الأدبية حقَّ فهمها وذلك بفهم: كلماتها المفردة، والاستعانة بالمعاجم على تفسير غريبها؛ وحل عويلها - ثم فهم جملها؛ والرجوع في المشكل منها إلى أمثال العصر ومصطلحاته وشروح الشرَّاح ومذاهبهم - ثم فهم معنى القطعة كلها، وبيان أقسامها وتعيين الخطَّة التي يسير عليها الأديب حين يعرض الفكرة على القارئ، وبعبارة أخرى معرفة طريقة تفكير الأديب، ومقدار انسجام الفكرة، أو مبلغ تفكُّكِها - هذا إن كانت القطعة الأدبية فكرية، فإن كانت وصفيَّة بحث عن الصور وجمالها وارتباطها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015