درس الأدباء الجادين والماجنين على السواء، فإن الأمة تهتم بأخلاقها، والأدب شيء كمالي، أما الأخلاق فهي سر حياة الأمم، (فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا)!
الحقيقة في الأدب:
وأول ما ننبه إليه إخواننا طلاب البكالوريا هو أن الأدب لا يعرف الجزم في الحكم، ولا يستطيع أن يقول هذا قانون التحليل الأدبي، وهذا قانون النقد، كما يقول صاحب الطبيعة هذا قانون السقوط، وهذا قانون الجذب، وكما يقول صاحب الرياضيات هذا قانون تساوي المثلثات وهذا قانون التابع ... أي أن الأدب ليس فيه حقيقة كالحقيقة العلمية الموضوعية (Objectif) ولكن فيه حقائق نسبية ذاتية (Subjectif) وإني إذا وضعت للتحليل منهجاً، وعرضته في هذه المقالة. فلن أحمل أحداً على هذا المنهج، ولن أدَّعي أنه المتفرد بالصحة والاستقامة، ولكني أبين عن رأيي واجتهادي، وأنت إذا بحثت يوم الامتحان بحثاً دقيقاً، سرت فيه على طريق واضحة مستقيمة، فبلغت غاية لايرضاها الأساتذة المميزون أو خرجت برأي لا يرونه، فليس يحق لهم أن يتخذوا رأيهم مقياساً، وأن يعدوك مخطئاً، لأن تاريخ الأدب لم يدخل بعد في حظيرة العلوم.
الأدب:
والأدب هو مجموع الآثار الجميلة في لغة من اللغات. أو عصر من عصور هذه اللغة، فالأدب العباسي هو مجموع الأشعار التي تركها لنا شعراء هذا العصر من لدن بشار إلى أبي تمام إلى المتنبي إلى المعري، والرسائل التي خلفها كتابه من ابن المقنع وابن مسعدة، إلى ابن العميد والصاحب، والخطب التي ورثناها عن داود بن علي وشبيب بن شيبة وغير هذا وذاك - والأدب الفرنسي في القرن السابع عشر هو مجموع القصص التي وضعها كورناي وراسين، والمهازل التي ألفها موليير، والحكايات التي صنَّفها لافونتين، وكل كلام بليغ، ومقال شريف، أثر عن أهل ذلك الزمان، وكل ما يهز النفس، ويوقظ فيها الحسَّ بالجمال.