فكر ومباحث (صفحة 37)

ومن كان في طول الهوى ذاق لذة ... فإني من ليلى لها غير ذائق

وأكثر شيء نلته من وصالها ... أماني لم تصدق كخطفة بارق

ومن شعر القاضي عبد الوهاب المالكي الفقيه المشهور، المتوفى سنة 422 والمدفون في قرافة مصر، وصاحب الخبر المستفيض لما خرج من بغداد وخرج أهلها لوداعه وهم يبكون ويعولون وهو يقول: والله يا أهل بغداد، لو وجدت عندكم رغيفاً كل يوم ما فارقتكم. ويقول:

سلام على بغداد في كل موطن ... وحق لها مني سلام مضاعف

فوالله ما فارقتها عن قِلَى لها ... وإني بشطي جانبيها لعارف

ولكنها ضاقت عليَّ بأسرها ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف

وكانت كخل كنت أهوى دنوه ... وأخلاقه تنأى به وتخالف

ويقول فيها:

بغداد دار لأهل المال طيبة ... وللمفاليس دار الضنك والضيق

ظللت حيران أمشي في أزقتها ... كأنني مصحف في بيت زنديق

وهو معنى جيد وتشبيه عجيب.

وهو القائل:

متى يصل العطاش إلى ارتواء ... إذا استقت البحار من الركايا

ومن يثني الأصاغر عن مراد ... وقد جلس الأكابر في الزوايا

وإنَّ ترفُّع الوضعاء يوماً ... على الرُّفعاء من إحدى الرزايا

إذا استوت الأسافل والأعالي ... فقد طابت منادمة المنايا

ومن غزله الذي يتغزل فيه بلغة الفقه والقضاء، فيأتي فيه بالمرقص المطرب قوله:

ونائمة قبَّلتها فتنبهت ... وقالت تعالوا واطلبوا اللص بالحدِّ

فقلت لها إني (فديتك) غاصب ... وما حكموا في غاصب بسوى الرد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015