3 - كما قالوا: إن آية البقرة ناسخة لآية المائدة.
المناقشة:
أولًا: مناقشة أدلة أصحاب القول الأول:
لا نسلم بأن المحصنات هنا العفيفات، بل المراد بالمحصنات من الذين أوتوا الكتاب في الآية اللاتي أسلمن من أهل الكتاب (?)، كما في قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 199]، وقوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 113، 114]، فالمراد من كان من أهل الكتاب فأسلم (?).
ويجاب عن ذلك بما يلي:
1 - إطلاق لفظ أهل الكتاب ينصرف إلى الطائفتين من اليهود والنصارى دون المسلمين، ودون سائر الكفار، ولا يطلق أحد على المسلمين أنهم أهل الكتاب، كما لا يطلق عليهم أنهم يهود أو نصارى، والله تعالى حين قال: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [آل عمران: 199]، فإنه لم يطلق الاسم عليهم إلا مقيدًا بذكر الإيمان عقيبه. وكذلك قال: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113]، فذكر إيمانهم بعد وصفهم بأنهم أهل الكتاب، فليس في القرآن إطلاق أهل الكتاب من غير تقييد إلا ويُراد به اليهود