تحرير محل النزاع:
تقرَّر فيما سبق أن الكتابي هو كل من تدين بدين أهل الكتاب، سواء كان أبوه أو جده دخل في دينهم أو لم يدخل، وسواء كان دخوله قبل النسخ والتبديل أو بعده، وهذا مذهب جمهور العلماء كأبي حنيفة ومالك، وهو المنصوص عن أحمد، وهو -قبل ذلك- القول الثابت عن الصحابة، ومع وجود يهود المدينة من العرب وغيرهم لم يفصل النبي - صلى الله عليه وسلم - في أكل طعامهم أو حل ذبائحهم ونسائهم، وهكذا فعل الصحابة لما دخلوا البلاد النصرانية فاتحين كالشام ومصر وغيرهما (?).
وعليه فإن الكتابي هو مَنْ تَدَيَّنَ باليهودية أو النصرانية أو بنحلة أو ملة أو فِرْقة تنتسب إليهما.
ومن كانت لأبوين أحدهما كتابي والآخر وثني فاختارت دين الكتابي منهما فإنها كتابية تُقَرُّ على دينها.
وهذا مذهب الجمهور خلافًا للشافعية، وقول عند الحنابلة، وقد ذهب ابن قدامة وابن تيمية والمرداوي من الحنابلة إلى قول الجمهور ورجحوه (?).
وقد اتفقوا في الجملة على جواز نكاح الكتابية بدار الحرب إذا خشي العنت وغلبت عليه شهوته؛ لأن التحرز عن الزنا فرض ولا يتوصل إليه إلا بالنكاح (?).
واتفقوا أيضًا على أولوية المسلمة في النكاح بالإجماع؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" (?).