خصَّ الله تعالى الكتاب بطائفتين وهم اليهود والنصارى، فلا يصدق على غيرهم أنهم أهل الكتاب وإلا لزم الكذب في كتاب الله وهو محال؛ كذلك لأن ما نزل على غير الطائفتين إنما هو بمثابة مواعظ وأمثال لا أحكام فيها؛ فلم يثبت لها حكم الكتب المشتملة على الأحكام (?).

أما بالنسبة للمجوس فعلى القول بأن الأشبه أنه كان لهم كتاب، ولكنه رُفع فأصبحوا لا كتاب بأيديهم الآن، فإن الصحف التي أُنزلت على إبراهيم -عليه السلام- رُفِعت إلى السماء لأحداث أحدثها المجوس (?)، فالأولى -ومن باب الاحتياط- أن لا نعتبرهم من أهل الكتاب؛ لوجود المغايرة فيما يتعلق بالأحكام التي تخص كلًّا منهما، وإن كان لسبق تدينهم بكتاب واعترافهم بالنبوة اعتبار في الأحكام يميزهم عن المشركين الوثنيين.

ولذلك أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى وجود صلة دون الاندماج بين المجوس وأهل الكتاب حيث قال: "سُنُّوا بهم سُنَّةَ أهل الكتاب" (?). بل لم يثبت أن للمجوس كتابًا، ونقل جواب أحمد على سؤال: أيصح أن للمجوس كتابًا؟ فقال: "هذا باطل" (?).

وأهل الكتاب من اليهود والنصارى فِرَقٌ ومذاهب (?)، والحكم في شأنها حكم اليهود والنصارى ما لم تختلف عنهما اختلافًا جوهريًّا، حتى وإن اختلفت في الفروع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015