ويقول أيضًا: "وإذا كانت مفسدة بيع الغرر هي كونه مظنة العداوة والبغضاء وأكل الأموال بالباطل، فمعلوم أن هذه المفسدة إذا عارضتها المصلحة الراجحة قدمت عليها، كما أن السباق بالخيل والسهام والإبل لما كان فيه مصلحة شرعية جاز بالعوض، وإن لم يجز غيره بعوض، وكما أن اللهو الذي يلهو به الرجل إذا لم يكن فيه منفعة، فهو باطل، وإن كان فيه منفعة -وهو ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "ليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله"، زاد في رواية: "فإنهن من الحق" (?) - صار هذا اللهو حقًّا.

ومعلوم أن الضرر على الناس بتحريم هذه المعاملات أشد عليهم مما قد يتخوف فيها من تباغض، وأكل مال بالباطل؛ لأن الغرر فيها يسير كما تَقَدَّمَ، والحاجة إليها ماسة، والحاجة الشديدة يندفع بها يسير الغرر. والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها حاجة راجحة أبيح المحرم، فكيف إذا كانت المفسدة منتفية؟! ولهذا لما كانت الحاجة داعية إلى بقاء الثمر بعد البيع على الشجر إلى كمال الصلاح، أباح الشرع ذلك، وقاله جمهور العلماء كما سنقرر قاعدته إن شاء الله تعالى" (?).

الخاتمة:

لا شك أن الأمن نعمة إلهية، وحاجة إنسانية، وهو مطلب شرعي؛ فإن من بات آمنًا في سربه معافًى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا (?)، ولا شك أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015