أما حديث معاذ فهو عامٌّ، يقرِّرُ أن الأصلَ صَرْفُ الزكاة إلى فقراء المسلمين، وقد بينت الآية الكريمة استثناءً من ذلك، وهو إعطاء الكفار رجاءَ إسلامِهم، ونفعهم لديننا.

وصفوة القول: أن عمر -رضي الله عنه- لم يعطِّلْ نصًّا، ولم يَنْسَخْ شرعًا؛ فإن الزكاة تُعْطَى لمن يوجد من الأصناف الثمانية، فإن لم يوجد صنف سقط سهمه، ولم يَجُزْ أن يقال: إن ذلك تعطيل لكتاب الله، أو نَسْخٌ له (?).

الترجيح:

يترجح -والله أعلم- قولُ من قال ببقاء هذا السهم للمؤلفة قلوبهم؛ سواء أكانوا من المسلمين، أم من الكفار؛ وذلك لأمور، منها:

1 - قوة أدلة المجوزين وسلامتها من المعارضة الراجحة، وقوله وفعله - صلى الله عليه وسلم - يؤيد قول المبيحين.

2 - ضعف القول بالنسخ، ولا يُعْلَمُ أن صحابيًّا يَنْسَخُ قولُه أو فعلُه نصًّا من كتاب الله تعالى، أو حكمًا قطعيًّا من أحكامه.

3 - ولا شك أن إعطاء المؤلفة قلوبهم فيه دَفْعٌ عن المستضعفين ببلاد الأقليات، وإقامةٌ لدينهم وتقويةٌ لشوكتهم، كما هو وسيلةٌ دعويةٌ ناجحةٌ.

4 - قال أبو بكر بن العربي المالكي -رحمه الله-: "والذي عندي أنه إن قوي الإسلام زالوا، وإن احتيج إليهم أُعطوا سهمَهُم، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيه؛ فإن الصحيح قد روي فيه "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ" (?) (?).

وعليه: فمتى احتاج أهلُ أقليَّةٍ تحقيقَ مصلحة اجتماعية أو سياسية أو دينية لأهلِ دينِهم فدفعوا من زكاة أموالهم تأليفًا على الإسلام أو دفعًا عنه فلا حرج عليهم في ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015