الله المؤلفة قلوبهم، والإسلام يومئذٍ في ضعفٍ وأهله في قلَّةٍ، وأولئك كثير ذوو قوة وعدد، واليوم بحمد الله عَزَّ الإسلام، وكثرَ أهله، واشتدَّتْ دعائمه، ورسخ بنيانه، وصار أهل الشرك أذلاءَ، والحكم متى ثبت معقولًا بمعنًى خاصٍّ ينتهي بذهاب ذلك المعنى (?).
قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].
وجه الدلالة:
ذكر الله تعالى المؤلفة قلوبهم ضمن مَنْ تُصْرَفُ لهم الزكاة؛ قال ابن الجوزي: "والمؤلفة قلوبهم هم قوم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتألفهم على الإسلام بما يعطيهم، وكانوا ذوي شرف، وهم صنفان: مسلمون وكافرون. . . وأما المشركون فصنفان: صنف يقصدون المسلمين بالأذى، فتألفهم دفعًا لأذاهم، مثل: عامر بن الطفيل، وصنف لهم ميل إلى الإسلام، فتألفهم بالعطية؛ ليؤمنوا، كصفوان بن أمية" (?).
ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى المؤلفة قلوبهم من الصدقات، ومن ذلك: ما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: بعث علي -رضي الله عنه- وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن حصن