فهل سهم المؤلفة قلوبهم باقٍ بعد أن أوقف عمر -رضي الله عنه- العملَ به، فَيُعْطَى منه الكفار ولو في سبيل دعوتهم إلى الله إذا رُجِيَ إسلامهم؟ أم أنه قد نُسِخَ، أو وقع إجماع على زوال هذا المصرف؟
وهل يتأتَّى دفعها في تلك الديار للتأليف على الإسلام من غير وجود إمامٍ شرعيٍّ مُمَكَّنٍ، وهو الذي يُنَاطُ به -في الأصل- القيام بجمع الزكاة وتفريقها، والنظر في دفعها إلى غير المسلمين تأليفًا على الإسلام؟ وتحقيقًا لمصالح أهل ولايته.
ومن غير شك فإن هذه المسألة التي تُطْرَحُ اليوم -في سياق ما تسعى الأقليات المسلمة لتحقيقه من ترسيخ وجودها، وتقوية شوكتها، وإقامة دينها في غير بلاد المسلمين، والتي لا تدخل تحت سلطان الشريعة، وفي ظِلِّ ظروف بالغة التعقيد -لهي قضية جديرة بالبحث والدرس.
وتكييف هذه المسألة راجع إلى فقه الزكاة ومصارفها، وحكم دفعها لغير المسلمين، ومصرف المؤلفة قلوبهم على وجه الدقة، وتتعلق أيضًا بقيام أهل الحَلِّ والعقد عند الاقتضاء مقامَ الإمام، أو نائبه، وتحقيق المصلحة عند التصرف في أمر الرعية أو الأقلية.
اتفق الفقهاء على عدم جواز أو إجزاء دفع الزكاة لكافر من غير المؤلفة قلوبهم (?).
قال ابن المنذر -رحمه الله-: "أجمع أهل العلم على أن لا يجزئ أن يُعْطَى زكاةَ المال أحدُ من أهل الذمة" (?).
وخالف في هذا الحكم ابنُ سيرين، والزهريُّ، وزفر من الحنفية فأجازوا دفعها للكافر الذمي غير الحربي (?).