القول الثالث: عند غياب جميع العلامات في جميع الأوقات يُقَدَّرُ للأوقات، أما عند غياب العلامات المميزة لوقت العشاء لعدم غيبوبة الشفق فتصلَّى في وقت الصبح، ولا يَسقطُ وجوبُهَا.
وذلك لتيقن غياب الشفق، بغلبة نور الصباح، وهذا منقول عن بعض الحنفية، وقال بعضهم كالبرهان الكبير (?): تُصلَّى بنية القضاء، ومنهم من قال: بل بنية الأداء؛ لأنه لا يقال قضاء إلا لصلاة لها وقت معلوم تؤدَّى بعد خروجه (?).
قال ابن عابدين: "إن القائلين عندنا بالوجوب صرَّحوا بأنها قضاء، وبفقد وقت الأداء، وأيضًا لو فُرِضَ أن فجرهم يطلع بقدر ما يغيب الشفق في أقرب البلاد إليهم لزم اتحاد وقتي العشاء والصبح في حَقِّهم، أو أن الصبح لا يدخل بطلوع الفجر، إن قلنا: إن الوقت للعشاء فقط، لزم أن تكون العشاء نهارية لا يدخل وقتها إلا بعد طلوع الفجر، وقد يؤدي -أيضًا- إلى أن الصبح إنما يدخل وقته بعد طلوع شمسهم، وكل ذلك لا يُعقل في معنى التقدير" (?).
وعليه فقد مال إلى القول بوجوبها ابنُ الهمام الحنفي، والبرهانُ الكبير، وأبنُ أمير الحاج، وابنُ عابدين، والعينيُّ (?)، وغيرُهم (?).