واتضح، وتقييد مطلقها بمقيدها، وتخصيص عامِّهَا بخاصِّهَا، فإن كان التعارض في الواقع ونفس الأمر فبنسخ منسوخها بناسخها -وذلك في الأحكام دون الأخبار؛ فإن الأخبار لا يدخلها نسخ- وإن لم يكن إلى علم ذلك من سبيل، فبردِّهِ إلى عالمه -تبارك وتعالى-.

قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7].

وفي الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نزل الكتاب الأول من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف، زاجرًا، وآمرًا، وحلالًا، وحرامًا، ومحكمًا، ومتشابهًا، وأمثالًا، فأحِلُّوا حلاله، وحرِّموا حرامه، وافعلوا ما أُمرتم به، وانتهوا عما نُهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمة، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا" (?).

وإذا اتضح هذا؛ فإنه لا يجوز أن يؤخذ نص وأن يطرح نظيره في نفس الباب، أو أن تُعْمَلَ مجموعةٌ من النصوص وتُهْمَلَ الأخرى؛ لأن هذا مظنة الضلال في الفهم، والغلط في التأويل، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضًا" (?).

وقال الشاطبي -رحمه الله-: "ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين، إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة، بحسب ما ثبت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015