-رحمه الله-: "إن الشيء إذا بني على عوج، لم يكد يعتدل" (?).

والمتأمل في كثير من الفتاوي المعاصرة الجانحة عن الصواب يجد أن الخطأ الرئيس فيها هو خطأ في تصورها، أو في إلحاقها بما يناسبها من أبواب الفقه ومسائله.

وفيما يلي بيان مختصر لهذه المدارك الثلاثة:

المدرك الأول: التصور:

التصور أو التصوير هو حصول صورة الشيء في الذهن أو العقل، أو إدراك الماهية من غير أن يحكم عليها بنفي أو إثبات (?).

ولذا شاع أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره (?)، وقد يعبر عن هذا بقولهم: إن الحكم على الشيء بدون تصوره محال (?).

وبلا شك فهو مقدَّم على أخويه وبدونه يُعَدُّ الإقدام على الحكم ضربًا من الخبط في عماية، وقاصمة من القواصم، وكثير من الناس يتوهم أن لديه التصور الصحيح مع أنه فاسد التصور سقيم الفهم على حد قول أبي الطيب:

وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيْحًا ... وَآفَتُهُ مِنَ الْفَهْمِ السَّقِيْمِ

فلا بدَّ في تصور النازلة وفهمها فهمًا صحيحًا من الجمع بين أمرين:

1 - تصور النازلة في ذاتها.

2 - تصور ما يحيط بها من ملابسات وقرائن وأحوال.

ولا يكفي الأول وحده، بل لا بدَّ من النظر في الثاني؛ إذ للقرائن والملابسات أعظم الأثر في تغير الحكم فليضبط هذا المقام جيدًا، وليحرر فإنه من الأهمية بمكان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015