ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" (?)، فلما كان السائل جاهلًا بطهورية ماء البحر، فقد تحقق جهله بطعام البحر وميتته؛ فلذا أجاب عن سؤاله، وزاده بما يحتاج إليه مما عرف أنه يجهله.
وقد ترجم البخاري -رحمه الله- لذلك في صحيحه، فقال: "باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله عنه"، ثم ذكر حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- "ما يلبس المحرم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا الخفاف، إلا أن لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل الكعبين" (?).
فالسؤال عما يلبس المحرم، ولمَّا كان المُحَرَّمُ عليه أمورًا معينة، وبيانها أنفع ليجتنبها ويلبس ما عداها عدل إلى بيان ما يَجتنبُ المحرم لبسه.
لما كانت الفُتيا بيانًا للحكم الشرعي، وتحمل في طياتها تبليغًا للسائل وجب تقديمها بأسلوب بيِّنٍ واضح قويم، يفهمه السائل بلا التباس، ويدركه أوساط الناس، قال تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54]، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4].
لذا كان من المتحتم أن تصاغ الفتوى بأسلوب محرَّرٍ رصين خالٍ من المصطلحات