ولا شك أن العناية بمتغيرات العصر، وملاحقة تطوراته، وإبداء الرأي الشرعي في حديث مخترعاته، وجديد تقنياته -لمما يسهم في إعادة الثقة إلى نفوس متذبذبة، وتقوية الإيمان في قلوب ضعيفة، وزيادة للإيمان في قلوب واثقة.
إن الجامعات الإسلامية، ومراكز البحوث، والمجامع الفقهية، ودور الإفتاء في العالم الإسلامي رصيد هائل، وطاقة ضخمة، وهي تملك من البحوث والدراسات العلمية الجادة في مختلف المجالات، والكفاءات النادرة المتخصصة في الجوانب الشرعية والواقعية كافة، فجميع هذه المؤسسات مدعوة إلى العناية بقضايا النوازل، وإصدار بحوثها حولها؛ ومن ثم الإسهام بشكل مباشر في تقوية المجتمع المسلم من خلال العناية بنوازله المعاصرة، وهذه معاصَرة مطلوبة في كل ميدان، فلا يخلو باب من أبواب الفقه غالبًا إلا ومنه مسائل تحتاج إلى اجتهاد أو تجديد لا يكاد المتأمل يستثني من تلك الأبواب بابًا، كالطهارة (?) مثلًا أو الصلاة (?)، أو الإرث (?) وغير ذلك.
وعليه فلا يستغني مجتمع قوي، ولا أمة مرهوبة، تنبع إرادتها من ذاتها عن التجديد والاجتهاد في كل ميدان، ويلاحظ بشكل جلي أن الفترة الذهبية للأمة الإسلامية، والازدهار الحضاري المتنامي في سالف عهدها كان متواكبًا معه ذلك الإنتاج الفقهي الثري، والذي قدمه الأئمة المجتهدون، تأصيلًا وتطبيقًا.
ويمكن القول بأن فقه النوازل لا يزدهر إلا في المجتمعات المتحضرة، حيث تزداد قيمة العمل، ولا يخشى أحد من إبداء الرأي، ومن جهة أخرى فإن تلك المجتمعات تشهد غالبًا تحولات اجتماعية كبيرة من شأنها أن توجِد نوازل جديدة في مجالات الحياة