يقول الإمام القرافي -رحمه الله-: "لا ينبغي للمفتي إذا كان في المسألة قولان:
أحدهما فيه تشديد والآخر فيه تخفيف -أن يفتي العامة بالتشديد والخواص من ولاة الأمور بالتخفيف، وذلك قريب من الفسوق والخيانة في الدين والتلاعب بالمسلمين، ودليل على فراغ القلب من تعظيم الله تعالى وإجلاله وتقواه، وعمارته باللعب وحب الرياسة والتقرب إلى الخلق دون الخالق، نعوذ بالله من صفات الغافلين" (?).
وقد عدَّ ابن السمعاني (?) من شروط العلماء أهل الإفتاء: الكف عن الترخيص والتساهل، ثم صنف -رحمه الله- التساهل نوعين:
"- أن يتساهل في طلب الأدلة وطرق الأحكام، ويأخذ ببادئ النظر، وأوائل الفكر فهذا مقصر في حقِّ الاجتهاد، ولا يحل له أن يفتي ولا يجوز.
- أن يتساهل في طلب الرخص وتأوُّل السنة فهذا متجوز في دينه وهو آثمُ من الأول" (?).
الوسطية في هذا الباب هي وسطية الإسلام في استنباط الأحكام، وهي وسطية بين طرفي التشديد والإفراط، وبين التسيب والتفريط، وهي وسطية تنضبط بالنصوص، وترعى المقاصد، وتحقق المصالح، وتفرق بين الفتيا العامة والخاصة في شأن الأقليات، وهي وسطية السداد في الإفتاء مع المقاربة، لا تكلف