في أحكامها، وفتحوا للعلماء باب الاجتهاد، ونهجوا لهم طريقه، وبينوا لهم سبيله" (?).
ثم مَنْ بعدهم مِنْ التابعين وتابعيهم لهم تبع في هذا المنهج والمسلك.
ومن غير شك فإن النوازل المعاصرة ازدادت تعقيدًا بتعقيدات العصر، وبظهور مخترعات علمية مذهلة التطور، لا في مجال المعلومات فحسب، بل في كل مجال علمي، ودراسة الفتاوي القديمة تعطي تصورًا عن وضع النازلة الجديدة وإلى أي مدى يمكن اعتبارها نازلة من كل وجه، وهذا قد يفيد في تكييفها، ومن ثم استنباط الحكم المناسب لها.
وفي التراث الفقهي المذهبي القديم ما يشير بجلاء إلى مآخذ أحكام معاصرة، ومسائل نازلة كالتلقيح الصناعي، وقد ذَكَرَ الفقهاء حكم استدخال المرأة منيًّا في فرجها، وسواء أكان المني لزوجها، أم لغيره، وسواء أكان ذلك لشهوة، أم لا؟ وسواء أكان ذلك عن قصد، أم لا؟ بما يمكن أن يكوَّن أمارات ترشد إلى حكم التلقيح المجهري والصناعي اليوم (?).
وفي التراث الفقهي المذهبي ما يتناول حكم الوفاة الدماغية، وما يترتب عليها؛ فقد تناول الفقهاء حكم من جرح فلم تبقَ فيه إلا مثل حركة المذبوح بحيث يعمل قلبه وأعضاؤه تتحرك حركة لا إرادية؛ فهل يحكم له بالحياة، أم لا؟ وما حكم من جنى عليه في هذه الحالة، وهل يعد قاتلًا، أم لا؟ (?).