المبحث الأول مناهج الحكم على النوازل

المبحث الأول

مناهج الحكم على النوازل

تَمَهيد

كان الأصل في الصدر الأول أن تردَّ المسائل والأحكام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيصدر السائل عن فتياه - صلى الله عليه وسلم -، وبوفاته - صلى الله عليه وسلم - كان الرد إلى أصحابه المجتهدين -رضي الله عنهم-، ولا شك أن الصحابة هم أولى الأمة بموافقة الحق والهداية إلى الصواب، ومنهم من زكاهم الله ورسوله بأعيانهم، وأشار بالعلم والفقه في دين الله إلى مقامهم؛ ولذا كان العلم بفتاويهم وأقاويلهم ومذاهبهم من أنفع ما يتزود به الفقيه، وبالجملة فإنه كلما كان العهد بالرسول أقرب كان الصواب والتوفيق أغلب، فآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا (?).

وقد واجهوا -رضي الله عنهم- نوازل لم يكن لهم بها عهد في حياة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، فبذلوا وسعهم واستفرغوا جهدهم في دَرْكِ أحكامها، ومعرفة وجوه الفتيا في مسائلها ونوازلها، وقد مارسوا -رضي الله عنهم- الاجتهاد جماعيًّا وفرديًّا في تلك المسائل المستجدة؛ فمن مسائل الاجتهاد الجماعي: قتال مانعي الزكاة، واجتماع الناس على رأي أبي بكر وفقهه بعد نقاش وحوار علمي من عمر -رضي الله عنه-، وبعد مقتل كثير من القُرَّاءِ في حروب الردة شرح الله صدر الصديق لرأي عمر بجمع القرآن؛ فأسند ذلك إلى زيد بن ثابت -رضي الله عنه-، وجرى العمل في ذلك استنادًا إلى قاعدة المصالح المرسلة، وهكذا تعددت أمثلة الاجتهاد، أو الإفتاء الجماعي.

ومن أمثلة الاجتهاد الفردي: رأي عمر في إمضاء الطلاق ثلاثًا بلفظ واحد (?) مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015