مطالعة الإمام في ذلك" (?).
وعند الحنابلة ما يوافق ما قرره المالكية؛ فهذا أبو يعلى الفراء يقول: "ولو أن أهل بلد قد خلا من قاضٍ أجمعوا على أن قلَّدوا عليهم قاضيًا، نظرت: فإن كان الإمام موجودًا بطل التقليد، وإن كان مفقودًا صح ونفذت أحكامه عليهم" (?).
وعند الحنفية يقول ابن عابدين -رحمه الله-: "فلو كان الولاة كفارًا يجوز للمسلمين إقامة الجمعة، ويصير القاضي قاضيًا بتراضي المسلمين" (?).
وهذا يدل بجلاء على مضي كلمة أهل الحل والعقد في الأمة عند غياب الأئمة أو فقدهم شرعًا.
لا شك أن هذه القاعدة مفيدة جدًّا في أحوال الأقليات المسلمة في غير ديار المسلمين، وهي بهذا تفتح باب الولاية على المسلمين هناك لأهل العلم والفضل فيهم، من الأفراد والهيئات، ولا سيما فيما يتصل بالأحوال الشخصية والمعاملات المالية، ونحوها.
ومن الأمثلة التي يجري فيها إعمال هذه القاعدة: تفويض ولاية التفريق والتطليق الجبري على الزوج في ديار الأقليات إلى العلماء المؤهلين القائمين على المراكز الإسلامية في بلاد الأقليات؛ حيث إن اللجوء إلى القضاء الوضعي في تلك الديار لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، إلا إذا صدر الطلاق من الزوج، وفي حالة امتناعه يجوز للمراة أن ترفع أمرها للمراكز الإسلامية، وما في حكمها مما يعتبر مرجعًا لجماعة المسلمين هنالك.
كذلك تتولى هذه المراكز -من الناحية الشرعية- عقود الزواج لمن لا ولي لها؛ وذلك استنادًا إلى القاعدة التي تقررت من قيام جماعة العدول مقام القاضي، وقيام أهل الحل والعقد مقام الإمام أو نائبه (?).