وقد عد العز ابن عبد السلام -رحمه الله- في قواعده ثلاثًا وستين موضعًا، وكلها ترجح فيها جلب المصالح والمنافع على درء المفاسد. (?)

على أنه قد يتعارض مانعٌ ومقتضٍ، ولا يقدم أحدهما على الآخر، بل يعمل في كل منهما بما يقتضيه، وقد مَثَّلوا لذلك بالمسألة التالية:

رجل قال لامرأته: إن لم أطلقك اليوم ثلاثًا فأنت طالق، ثم أراد أن لا يطلق امرأته، ولا يصير حانثًا، قالوا: الحيلة في هذا ما روي عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- وعليه الفتوى:

أن يقول لامرأته في اليوم: أنت طالق ثلاثًا على ألف درهم، فإذا قال لها ذلك تقول المرأة: لا أقبل، فإذا قالت المرأة ذلك ومضى اليوم كان الزوج بارًّا في يمينه، ولا يقع الطلاق؛ لأنه طلقها في اليوم ثلاثًا، وإنما لم يقع الطلاق عليها لردِّ المرأة، وهذا لا يُخرج كلامَ الزوج من أن يكون تطليقًا. (?)

ولا فرق عندهم في تقديم المانع على المقتضي بين أن يجيئا معًا كأكثر الفروع والأمثلة المضروبة والمخرجة على القاعدة، وبين أن يطرأ المانع على المقتضي قبل حصول المقصود من المقتضي، ففي كلٍّ يُقَدَّمُ المانع، كما لو شهد لامرأة أجنبية عنه، ثم صار أجيرًا -أي: أجيرًا خاصًّا- قبل القضاء بشهادته بطلت شهادته في المسألتين. (?)

أدلة القاعدتين:

سبقت أدلة للقاعدتين من القرآن، والسنة، والمقاصد، والقواعد الشرعية، ويمكن إضافة الحديث التالي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015