وقد رجَّح بعض العلماء في حالة الاستواء اختيار درء المفسدة، فقد قال ابن السبكي -رحمه الله-: "تقديم درء المفاسد على جلب المصالح عند التعارض إنما هو فيما إذا تساويا من حيث المصلحة والمفسدة" (?).

وقال الخادمي -رحمه الله- (?): "والأصل في اجتماع المفسدة والمصلحة ترجيح جانب المفسدة عند الاستواء" (?).

وقد يستدل لذلك المنحى بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (?).

حيث أطلق في الحديث الاجتناب في المنهيات، ولو مع مشقة في الترك، وقيد في المأمورات بقدر الطاقة والوسع، وقد نقل هذا عن الإمام أحمد -رحمه الله-. (?)

ولأن الغالب في الواجبات أن لها بدلاً، وأما فعل المحرمات فإنه لا يُتَمَكَّنُ غالبًا من تلافي مفسدتها بعد وقوعها.

فلو أن إنساناً أكره على أحد أمرين إما ترك واجب، أو فعل محرم، وهما في رتبة واحدة، فالأولى ترك الواجب بدلاً من فعل المحرم؛ إذ درءُ المفسدة مقدَّمٌ على جلب المصلحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015