والحكم بالوجوب تدل عليه قاعدة: "الواجب لا يترك إلا لواجب" (?).
أو "ما كان ممنوعًا إذا جاز وجب" (?)، كما تدل عليه قاعدة: "للوسائل حكم المقاصد" (?)، و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" (?).
وذلك لأن أكل الميتة قد تعين وسيلة لحفظ النفس المأمور بحفظها (?).
ومثال الثاني -وهو الضرورة التي يجب تركها ويحرم فعلها-: قتل المسلم بغير حق، وفي هذه الحالة يترتب على ارتكاب هذا المحرم ارتكاب مثله أو أشد، وهو ما يتعارض مع ما سبق تقريره في الضابط الخامس من ضوابط الضرورة، وعلى الراجح فلا يدخل هذا تحت حقيقة الضرورة الشرعية التي تبيح ارتكاب النهي، بل يصير من قبيل جلب المفاسد لا درئها (?).
قال ابن القيم -رحمه الله-: "كل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث- فليست من الشريعة وإن أُدخلت فيها بالتأويل" (?).
وعليه: فإن هذا النوع من الضرورات لا تبيح المحظورات، بل هناك محظورات لا تباح البتة، وإنما تبيح الضرورات من المحظورات ما كانت رتبته وخطورته دون رتبة الضرورة، وهذا معنى قولهم -في تتمة هذه القاعدة-: بشرط عدم نقصانها عنها (?).
وعليه فلا يكون العمل بالضرورة محرمًا بحال؛ حيث إن الضرورة الشرعية