وقد سمَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - القصر في الصلاة حال السفر صدقة من الله تعالى، فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم؛ فاقبلوا صدقته" (?).
ولا شك أن الإجماع منعقد في الجملة على ثبوت أصل الترخص بالرخص الشرعية الثابتة والمنصوصة.
لا شك في أن حياة الأقليات المسلمة في عالم اليوم محفوفة بضرورات وحاجات، وتكتنفها صعوبات ومشقات، وتَبَنِّي منهج التيسير المنضبط متفق مع روح الدين، والأخذ بالرخص من شأنه أن يفتح بابًا للالتزام بأحكام الشرع والمحافظة عليها.
وقد قال سفيان الثوري -رحمه الله-: "إنما الفقه الرخصة من ثقة، فأمَّا التشديد فيحسنه كل أحد" (?).
وقد كان الفقهاء المحققون يرجحون بين الأحكام بما هو أرفق وأصلح للناس معًا؛ ذلك أن الاعتراف بحاجات الناس وتقديرها منهج شرعي دلَّ عليه ما اتفق الفقهاء عليه من رعاية الضرورات، وتنزيل الحاجة منزلة الضرورة، ومن أجل هذا أجازت الشريعة المطهرة الإجارة والسَّلَم، وهما بيعُ معدومٍ، وأباحت الجعالة مع ما فيها من جهالة، وبيع العرايا مع ما يقع فيه من ربا الفضل، واعتبرت حاجات خاصة كلبس حرير لمن به حكة جلدية، أو عند الاقتتال،