الأوطار، وكتاب إرشاد الفحول، على أنه قد ارتقى إلى مقام النظر في الأدلة، والاستنباط منها، وأنه لم يَقُل في مسألة من الفقه إلا بما أداه إليه الدليل، وأن له في الأدلة ومناهجها أنظارًا تساوي الأنظار الاجتهادية الأصلية التي بنيت عليها كتب أصول الفقه" (?).

وعليه فإن باب الاجتهاد مفتوح لكل من كان له متأهلاً، وهم بحمد الله موجودون في كل عصر؛ إذ لا يخلو عصر من مجتهد قائم لله بالحجة، ولا يزال الله تعالى -بكرمه ومنِّه- يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم في طاعته (?)، ويأبى الله تعالى إلا أن يتم نوره، وتجديدُ الله تعالى دين هذه الأمة متحقق ببعث المجددين على رأس كل مائة سنة (?).

وإذا كانت هممٌ في هذا الزمان قد تقاصرت، فإن سبلًا لتحصيل العلم قد تيسرت، وإذا كان الحصول على نسخة من كتاب في الزمان الأول ربما تعذَّر أو تعسَّر؛ فإن كنوز السنة وذخائر الفقه والأصول في هذا الزمان قد توفرت، ولا يخفى على مُطَّلع أن زمان الحواسيب الآلية اليوم مَكَّنَ -بفضل الله- من الاستفادة من تراث العلماء، وذخائر التراث بشكل لا مثيل له، ولم يخطر لأحدٍ على بالٍ، فصار جواز الاجتهاد شرعًا متحققًا وواقعًا ممكنًا، فلم يبق إلا أن يشمر لهذا الفضل أهله، وأن يتصدى لهذا الخير طلابه، وفي الحديث: "يحمل -وفي رواية: يرث- هذا العلم من كل خلف عدوله. . . " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015