المسح على الجرموق خلافًا لقوله الجديد بالمنع من ذلك، تحرزًا من انفراد الشافعي عن سائر العلماء الذين وافقوه في مذهبه القديم. قال المزني -رحمه الله-: "قال الشافعي: ولا يمسح على جرموقين. قال (يعني الشافعي) في القديم يمسح عليهما.

قال المزني: قلت أنا: ولا أعلم بين العلماء في ذلك اختلافًا، وقوله (يعني قول الشافعي) معهم (يعني مع العلماء) أولى به من انفراده عنهم" (?).

ومن هذا القبيل: ترجيح الموفق ابن قدامة إحدى الروايتين عن أحمد -رحمه الله- باعتبارات عدة، منها: أنه قول أكثر أهل العلم، ومن أمثلة ذلك: اختلاف الروايتين عن أحمد في من جنى على سن فسودها هل فيها حكومة، أم ثلث الدية؟ (?)، ومن أمثلته: ما قاله الموفق في مسألة الموضحة في الوجه والرأس وأنها فيهما سواء، وقد روى عن أحمد ما يخالف ويوافق هذا، قال الموفق: "وحمل كلام أحمد على هذا (يعني التسوية فيهما) أولى من حمله على ما يخالف الخبر والأثر وقول أكثر أهل العلم" (?).

ومن هذا القبيل: ترجيح الإمام ابن بطال المالكي لإحدى الروايتين عن مالك -رحمه الله- تعالى في مسألة التكبير بعد الفراغ من التشهد الأول من حين بدء قيامه إلى الركعة الثالثة أو بعد انتصابه قائمًا، "قال ابن بطال: وهذا الذي يوافق الجمهور أولى (يعني الرواية الأولى)، قال: وهو الذي تشهد له الآثار". نقله عنه النووي -رحمه الله- (?).

قال الحافظ ابن الصلاح -ذاكرًا بعض ما يترجح به أحد القولين للشافعي أو الوجهين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015