فانطلاقًا من هذه الأسس التي سنتوسع فيها، ومن الأدلة الإجمالية، والأدلة التفصيلية، وآراء أهل العلم؛ يكون اجتهاد العلماء ترجيحيًّا انتقائيًّا أو إبداعيًّا إنشائيًّا وإن كنت شخصيًّا أميل إلى النوع الأول، ولا أجسر على النوع الثاني إلا بشاهد -أي: بنوع من التخريج- لأن النوع الأول اختيار من أقوال العلماء لمصلحة اقتضت هذا الاختيار، أو لدرء مفسدة قد يؤدي إليها تطبيق القول المتروك، وبصفة أكثر دقة فسيكون الاجتهاد هنا على ثلاثة أضرب:

1 - اجتهاد جديد لإحداث قول في قضية جديدة قياسًا على المنصوص في الأصلين؛ الكتاب والسنة.

2 - واجتهاد في تحقيق المناط، وهو اجتهاد لا ينقطع أبدًا، كما يقول الشاطبي؛ لأنه تطبيق للقاعدة المتفق عليها على واقع جديد تنطبق عليه هذه القاعدة، وليس كالاجتهاد الأول الذي يختص به المجتهدون، بل يستوي فيه المجتهد والمقلد.

3 - أما النوع الثالث فهو اجتهاد ترجيحي وهو اختيار قول قد يكون مرجوحًا في وقت من الأوقات؛ إما لضعف المستند -وليس لانعدامه- فيختاره العلماء لمصلحة اقتضت ذلك، وهذا ما يسمى عند المالكية "جريان العمل"؛ فلهذا، فتسليط الأنواع الثلاثة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015