عندئذٍ ليس بمعصوم إلا فيما أُجمع عليه من الأحكام.

أما الشريعة فلها شأن آخر؛ إذ هي جملة نصوص الكتاب والسنة الصحيحة غير المنسوخة، وهي بهذا الاعتبار مباركة معصومة.

يقول الشاطبي: "إن هذه الشريعة المباركة معصومة، كما أن صاحبها - صلى الله عليه وسلم - معصوم، وكما كانت أمته فيما اجتمعت عليه معصومة" (?).

وهي عامة لكل الخلق في كل زمان ومكان، حاكمة لا محكومة، ومطلقة لا مقيدة، ثابتة لا تزول، لها السيادة العليا والحكم الأعلى: "لا عمل يُفرض، ولا حركة ولا سكون يُدَّعى؛ إلا والشريعة عليه حاكمة" (?)، فإذا اعترى الفقهَ -الذي هو عمل المجتهدين- نوعُ قصورٍ أو خلل أو ضعف فلا سبيل لشيء من ذلك إلى الشريعة؛ إذ هي تنزيل من حكيم حميد، فلا يجوز نسبة شيء من النقص إلى كتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.

على أن الفقه -أيضًا- لا تسلم في حقه تلك الدعاوى؛ فلقد عرف فقهاؤنا التطور وصاحبوه مصاحبة عميقة في تاريخهم الحي والعملي بأسره، يقول عمر بن عبد العزيز: "تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور" (?).

وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "تحدثون ويحدث لكم" (?).

ومما يشهد لذلك ويدل عليه قول معاذ -رضي الله عنه-: "أجتهد رأيي ولا آلو" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015