حسبما آل إليه الحال في زمنه، والحكم باقٍ ببقاء علته، ولا سبيل إلى القول بنسخه؛ لأنه لا يتصور النسخ في غير زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان منسوخًا لما عمل به أبو بكر في إعطاء المؤلفة قلوبهم (?).

وعلى هذا المعنى جرى الأئمة في آرائهم الفقهية فهذا مالك (?) -رحمه الله- لم يقل بخيار المجلس الثابت بخبر الواحد؛ لمخالفته عمل أهل المدينة، وللغاية من العقد (?).

وذلك يدل بجلاء على أن الفتاوي والأحكام الاجتهادية قد يطرأ عليها ما يفضي إلى تغييرها بالنظر إلى مقاصد الشريعة وخصائصها وقواعدها.

المطلب الثاني: الأسباب الخارجية لتغير الفتيا والأحكام الاجتهادية في الشريعة الإسلامية:

يقصد بالأسباب الخارجية ما لا تعلُّق له بنصوص الشريعة وقواعدها ومقاصدها وروحها، فهي عوامل تتعلق باختلاف الأزمان، والأماكن، والبيئات، والأحوال، والعوائد، والأعراف، والمصالح، والعلوم، والمعارف، والمكلفين، وغير ذلك.

ولا شك أن عماد هذه الأسباب كلها هو تغير المصلحة؛ لأن هذه الأسباب لا تؤثر بذاتها، بل تدور مع المصلحة التي هي المدرك الكلي للمناطات والعلل القريبة.

"فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015