تغير خطاب الله تعالى، وقد تُوعد المبدلون لأحكام الله المغيِّرون لشرعه بالإبعاد والهلاك يوم القيامة، ففي الحديث الصحيح: "ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلم، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا" (?).
وتغير الفتيا شيء مخالف تمام المخالفة للنسخ؛ لأن النسخ رفع للحكم وإلغاء ومحوٌ له، وهذا لا يملكه أحد سوى الله -عز وجل-، ومن ثم لا يمكن أن يحدث إلا في زمن النبوة قبل اكتمال التشريع، أما بعد اكتماله وبعد أن لَحِقَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى فلا يتحقق أبدًا.
يقول الإمام الشاطبي -رحمه الله-: "فلذلك لا تجد فيها بعد كمالها نسخًا، ولا تخصيصًا لعمومها، ولا تقييدًا لإطلاقها، ولا رفعًا لحكم من أحكامها، لا بحسب عموم المكلفين، ولا بحسب خصوص بعضهم، ولا بحسب زمان دون زمان، ولا حال دون حال، بل ما أثبت سببًا فهو سبب أبدًا لا يرتفع، وما كان شرطًا فهو أبدًا شرط، وما كان واجبًا فهو واجب أبدًا، أو مندوبًا فمندوب، وهكذا جميع الأحكام فلا زوال لها ولا تبدل، ولو فرض بقاء التكليف إلى غير نهاية لكانت أحكامها كذلك" (?).
وقد عرف الأصوليون النسخ بأنه: "رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر" (?).
ومن خلال النظر في هذا التعريف وفي تعريف (تغير الفتيا)، ومن خلال الدراسة لأحكامهما