المذهب الأول:
التحليل والتحريم صفات عَرَضِيَّة تعرض لمتعلَّقاتها من الأعيان، أو الأفعال بدلالة خطاب الشرع فحسب، ولا ارتباط بين الحكم والصفات الذاتية في متعلَّقه الذي يقوم به، إلا أن الخطاب الشرعي ربط بينهما ابتداءً لغير معنى يعقل، فلا يعتبر في تحريم الخمر ما يتعلق بذاتها من صفة الخمرية وإحداث السكر؛ إذ الحكم لا يتعلق بالأعيان لخصائصها الذاتية أو الملازمة، بل معنى هذا التحريم نسبة الخمر إلى اجتناب الشرب وعدم التناول فحسب.
ويعتبرون أن قولنا: الخمر محرمة تجوُّز؛ لأنها جماد لا يتعلق بها خطاب، وإنما المحرم تناولها، أو المقول فيه: لا تفعلوا، كما أن الواجب المقول فيه: لا تتركوا (?).
وهذا مذهب جمهور المتكلمين من الأصوليين (?) وبعض أصوليي الحنفية (?).
المذهب الثاني:
التحليل والتحريم قد يتعلقان بالأفعال والأعيان لخصائص ذاتية، أو ملازمة تناسب الحكم وتصلح له، فإن كانت الأعيان والتصرفات بها من الفساد أو الضرر اقتضت حكمته تعالى ورحمته بعباده التحريم، وإن كانت تتضمن خصائص النفع والصلاح اقتضت رحمته تعالى الإباحة، ولا يمنع أن تكون صفات عرضية إضافية تقتضي الأحكام الشرعية، ولا سبيل لإدراكها من غير طريق النصوص الشرعية، بل ولا يثبت الحكم الشرعي في هذه الأعيان أو