كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بطريق الأولى والأحرى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي ولا ينعكس، وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (?).

ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنَّ مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة"، قال: "فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين" (?).

هاتان الحقيقتان الراسيتان الراسختان مقدمتان لحقيقة كبرى وهي: صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان؛ لأننا لو لم نقل بذلك -مع كون رسالة الإسلام رسالة عالمية خاتمة للرسالات- للزم منه أن يكون الله -عز وجل- قد أجاز للبشر أن يشرِّعوا لأنفسهم في كل زمان ما يصلح لهم، وهذا أبطل الباطل، وبطلانه معلوم من دين الله بالضرورة، كما أن حاكمية الله وانفراده بالسلطان على عباده وتفرده بحق التشريع معلوم من دين الله بالضرورة، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، وقال: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10]، وقال سبحانه: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57]، فالذي له الخلق هو وحده الذي يملك الأمر والنهي والتحليل والتحريم والتشريع والحكم، فما من شيء في حياة البشر مهما كان صغيرًا إلا ولله فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015